الكلم الثالث المدخل الشرقي لمدينة جيجل

ولايتنا

تـقديم عــام

تحتل ولايـة جيجل موقعا استراتيجيا هاما في الشمال الشرقي للجزائر، فهي تتربع على مساحـة 2.398,63 كلم2، يبلغ عدد سكانها 736.201 نسمة حسب إحصائيات سنة 2016، تطل على البحـر الأبيض المتوسط بشريط ساحلي طوله 120 كلم.
حدود الولايـة:
من الشمال: البحـر الأبيض المتوسط.
من الشـرق: ولايـة سكيكدة.
من الغـرب: ولايـة بجاية.
من الجنوب: ولايتي سطيف و ميــلة.

المــناخ:
هي من بيـن المناطــق التي تعرف أكبر تساقط للأمطار في الجزائر، إذ يبلغ معدل التساقط السنـوي بين 800 و 1.200 ملم، يسودها مناخ متوسطي ممطر و بارد شتاء بدرجة حرارة تتراوح بين 05° و 15° و حار صيفا بمعدل متوسط لدرجة حرارة يتراوح بين 25° و 35° درجة.
لمحة تاريخية

        يعود تاريخ ولاية جيجل إلى عصور ما قبل التاريخ و قد دلت على ذلك مختلف البقايا و المواقع الأثرية المنتشرة عبر ربوعها، كما دلت الأبحاث الأثرية بعدد من هذه المواقع كموقع تازة و مزغيطان من طرف مختصين أجانب و معهد الآثار بالجزائر على تواجد الإنسان البدائي منذ العصور الحجرية و الذي استطاع تكوين حضارات بدائية تعود أغلبها إلى العصر الحجري الأعلى و العصر الحجري الحديث و الحضارة الإيبيرومغربية التي أرخت أدواتها ما بين 10 000 سنة قبل الميلاد إلى 2 500 سنة قبل الميلاد.

  • المرحلة الفينيقية و النوميدية:

تؤكد معظم المصادر و الوثائق التاريخية أن مدينة جيجل فينيقية النشأة حيث أنشأ بها الفينيقيون مرفأ تجاريا لمبادلاتهم التجاريـة، و هم من أطلق عليها إسـم “إيجيجلجيلي” و هي كلمة تتكـون من شطرين، الشطر الأول “I” يعني جزيرة ساحلية، و الشطر الثاني ” إغيل” فهو يعني دائـرة الحجر، و معنـاه بالكامل “شاطئ الدوامة”، و قـد أدى الإمـتزاج بين حضارة الفينيقييـن و الحضارة المحلية و هي الحضارة الليبية إلى خلق نمط جديد من الحضارات ميزت منطقة شمال إفريقيا سميت  “الحضارة البونية أو البونيقية“، و خير دليل على هذا الإرث الحضاري البوني موقـع الرابطة ببلدية جيجل، الذي أرخ ما بين القرن 06 ق م- 03 ق م من خلال دراسة الأثاث الجنائزي المتواجد بالقبور.

خلال الحروب البونية التي دارت بين قرطاجة و روما، كانت إيجيلجيلي جزءا من نوميديا الغربية المحدودة شرقا بنهر أومبساقا “Ampsaga” (الوادي الكبير حاليا) و سكانها هم من الماسيسيل تحت قيادة سيفاكس، و بعد القضاء على قرطاجة في معركة زاما (الحرب البونية الثالثة)، انتقل حكم نوميديا إلى ماسسنيسا و كانت جيجل جزء منها.

  • المرحلة الرومانية:

سهلت الاضطـرابات التي أثارها يوغرطة من اجتياح الرومان لكامل نوميديـا و هكذا تعرضت جيجل للإحتلال الرومانـــي خـــلال عهد الإمبراطور أوكتافيوس أغسطس، و وضعت كجـــــزء من موريطانيا القيصريـــة تحت حكم يوبا II و خلال القرن 01 م منحت إيجيلجيلي رتبة مستعمرة رومانيــة، و في سنة 297 م أصبحت تابعــة لموريطانيا السطايفية، و قد عرفت هذه المرحلة العديد من الأحداث التاريخية التي كانت معظمها لمنـــع التدخل الروماني بالمنطقة، فخـــلال سنة 22 م قامت انتفاضة القائد البربري تاكفاريناس ضد الرومان و كان جيشهم بقيادة القائد ديكوريوس حيث التقى الجيشان قرب نهر باجيدا (وادي النيل حاليا)، و في هذه المعركة تمكن القائد تاكفاريناس من قتل القائد الروماني ديكوريوس، و قد عرفت سنة 24 م وفاة القائد تاكفاريناس في معركة أخرى ضد الرومان بقيادة البروقنصل الروماني دولابيلا.

سنة 372 م نزل القائد الروماني تيودوز بميناء إيجيلجيلي من أجل القضاء على ثورة القائد البربري فيرموس    و قد قام الرومان بتحديد سكان المنطقة تحت إسم الزينيزيس نظرا لكثرة ثوراتهم ضدهم. كما عرفت الفترة الرومانية بالمنطقة تأسيس عدة مدن كان لبعضها اهمية كبيرة في الحكم الروماني كمدينة شوبا مينيسيبيوم المؤسسة من طرف الإمبراطور الروماني أوكتافيوس “OCTAVIUS”، و تمت ترقيتها إلى رتبة بلدة رومانية “MUNICIPIUM” من طرف الإمبراطور هادريانوس “HADRIANUS”، و كانت لها دور كبير في المبادلات التجارية بين روما و شمال أفريقيا من خلال ميناءها.

  • الغزو الوندالي:

خلال القرن 05 م و بالضبط سنة 430 م تعرضت جيجل إلى الغزو الوندالي و قد لحقها ما لحق جميع مناطق الإمبراطورية الرومانية من خراب و دمار، حيث قضى الوندال الهمجيين على الازدهار الذي شهدته المنطقة خلال التواجد الروماني، و ظلوا بها قرنا من الزمن.

  • المرحلة البيزنطية:

جاء البيزنطيون إلى منطقة شمال أفريقيا لاستعادة مجد الإمبراطورية الرومانية، حيث انطلقت جيوشهم من القسطنطينية (اسطنبول حاليا)، و نزلت أولا بسواحل تونس سنـة 335 م فسقطت قرطاجة ثم تلتهـا المدن الساحلية الأخرى و منهـا جيجــل، و خلال العهد البيزنــــطي حاول البيزنطيون بناء ما دمـــره الونــــدال، كما حافظــــوا على الحدود و الطرق الرومانية، أعادوا تشكيلها و أسسوا حصونهم و بنوا المدن و استمروا بالمنطقة قرنا.

  • المرحلة الإسلامية:

يعود تواجد العرب المسلمين ببلاد المغرب إلى سنة 720 م بعد مجيء الفاتح موسى بن نصير إلى أفريقية (تونس حاليا)، و بعدها نزح بجيش من القيروان إلى منطقة جيجل سنة 772 م، و هكذا أصبحت جيجل جزءا من الحكم الإســــلامي و كان لها أهمية كبيــــرة لاحتوائهـا على مــيناءيــن الأول يصعب الوصول إليه و الثاني سمـــي “مـــرسى شارا” و معناه “مرسى السوق“، حسب ما ذكره المؤرخ ابن كثير.

أثناء قيام دولة الأغالبة بتونس و عاصمتها القيروان (882 م)، كانت جيجل جزءا منها، و المعروف أن أهالي جيجل من قبيلة “كتامـــة البربريـــة“، و قد لعبت هذه القبيلـــة دورا هاما في تأسيس الدولة الفاطمية خلال القرن 10 م، و ذلك من خلال احتضانها لدعوة “عبد الله الشيعي“، حيث، و انطلاقا من جنوب المدينة انطلقت الدعوة  و اتجهوا شرقا و اسقطوا الدولة الأغلبية، ثم وصلـوا إلى مصـر و شيدوا القاهرة و اتخذوها عاصمة لخلافتهـم و بنوا بها جامع الأزهر (953 م-975 م) الذي أنجـب العديد من علماء المسلمين، و قد تم ذكر هذه الأحداث التاريخية في كتاب “تحفة الأحباب” للسخاوي.

و في عهد الخليفة الحمادي “الناصر بن علناس” المدعو “علاء الناس” كانت جيجل تحت سلطة الدولة الحمادية و عاصمتها بجاية.

  • المرحلة النورمندية و الجنوية:

في سنة 1143 م قام النورمنديون (شعوب صقلية) بقيادة الملك الصقلي “روجر الثاني” بغزو المدينة و تدميرها عن آخرها، و استمروا في تدمير المدينة حتى سنة 1146 م حيث قامـوا بنهب قصر يحي بن عبد العزيز آخـر ملوك بني حماد و تدميره كليـا و حرقه، و قد ظلوا بالمدينة حتى مجيء الأمير الموحـدي “عبد المؤمن” الذي قضى على قوة الحماديين و سجن ملكهم يحي بن عبد العزيز و استولى على كامل المدينة و ضمها إلى حكمه.

و قد عرفت جيجل العديد من الغزوات خلال هذه المرحلة فابتداء من سنة 1260 م احتل الجنويــــون المدينــة و اتخذوا منها مرفأ تجاريا لمبادلاتهم التجارية و استمر تواجدهم بالمدينة 03 قرون، و في سنة 1513 م قاموا بغزو جديد للمدينة تحت قيادة “أندري دوريا” الذي دمر جزءا كبيرا من المدينة.

  • المرحلة التركية العثمانية:

تبدأ هذه المرحلة سنة 1514 م بعد مجيء “بابا عروج” إلى جيجل بطلب من الأهالي من أجل تخليصهم من الهيمنة الجنوية، و قد لبى بابا عروج الطلب و عمل بمساعدة  ملك جرجرة “أحمد بن القاضي” على القضاء على الجنويين، و عرفانا لما قام به أطلق عليه السكان لقب “سلطان جيجل“، حيث استقر بها و استعملها كنقطة انطلاق لتحرير العاصمة من لغزو الإسباني سنة 1516 م و قضى على حاكمها “سالم التومي“.

سنة 1518 م توفي بابا عروج قرب تلمسان، فخلفه شقيقه “خير الدين” حيث كان أكثر لينا مع الأهالي  و عمل على مساعدة المسلمين الفارين من إسبانيا و توفي سنة 1547 م بالقسطنطينية (اسطنبول حاليا). و قد حظي سكان جيجل بمكانة خاصة لدى الأتراك، حتى أنهم لم يدفعوا الضرائب كباقي المناطق الأخرى.

خلال القرن 17 م و بالضبط في جويلية 1664 م أرسل الملك الفرنسي لويس 14 أسطولا عسكريا بقيادة الدوق “دي بوفور“، حيث نزلت هذه البعثة قرب جامع سيدي عمار و قد قوبلت بالمقاومـة الشرسة من طرف الأهالي مما اضطرهم للانسحاب في 31 أكتوبر 1664 محملين بالعديد من الخسائر البشرية و المادية.

و في بداية القرن 19 م قامت ثـــورة أحمد بن الأحـــرش ضد “الباي عصمان” باي قسنطينــة قرب حــدود الميلية  و هنا توفي الباي إثر سقوطه من على حصانه.

  • المرحلة الإستعمارية الفرنسية:

كان هجوم الاستعمار الفرنسي لجيجل صبيحة يوم 13 ماي 1839 م بمجيء بعثة فرنسيـة من سكيكدة بقيادة “دوسال” على متن سفينتين حربيتين “سيتيكس” و “سربيـر” و قام جنود المستعمـر بمعاينة موقـــع قلعـــتي “سان فردينان” و “دوكان” للإحتماء من مقاومة السكان، و في 15 ماي أكملوا نظامهم الدفاعي بقلعة “سان أوجين” في أعالي جبل أيوف.

قوبلت الجيوش الفرنسية بالمقاومة الشديدة من طرف السكان و استمرت طيلة ربيع سنة 1839 و بعدها انتقلت المقاومة إلى أعالي المدينة بعد تقهقرها في مركز المدينة.

بعد استقرار الجيوش الفرنسية بالمدينة عرفت المنطقة العديد من الثورات الشعبية لزحزحة الإستعمار منها ثورة المقراني سنة 1871، حيث أرسل هذا الأخير جيشا من 8.000 جندي للهجوم على المستعمر في مختلف نواحي المنطقة، و هناك أيضا ثورة أولاد عيدون بالميلية في الفاتح فيفري 1874 و غيرها من الثورات الشعبية و التي استمرت حتى قيام ثورة التحرير الوطنية في الفاتح نوفمبر 1954 م و التي نتج عنها استقلال كامل التراب الوطني و من ضمنه منطقة جيجل.

التقسيم الإداري لولاية جيجــل

ولاية جيجل مقسمة إداريا إلى 28 بلدية ملحقة بـ 11 دائرة.

  • دائرة جيجل:  تشمل بلدية جيجل
  • دائرة جيملة: تشمل بلديتي جيملة و بودريعة بن ياجيس
  • دائرة العنصر: تشمل بلديات العنصر، بوراوي بلهادف، الجمعة بني حبيبي و خيري وادي العجول
  • دائرة العوانة: تشمل بلديتي العوانة و سلمى بن زيادة
  • دائرة الميلية: تشمل بلديتي الميلية و أولاد يحيى خدروش
  • دائرة الشقفة: تشمل بلديات الشقفة، القنار نشفي، برج الطهر و سيدي عبد العزيز
  • دائرة السطارة: تشمل بلديتي السطارة و غبالة
  • دائرة سيدي معروف: تشمل بلديتي سيدي معروف، أولاد رابح
  • دائرة الطاهير: تشمل بلديات الطاهير، الأمير عبد القادر، وجانة، الشحنة و بوسيف أولاد عسكر
  • دائرة تاكسنة: تشمل بلديتي تاكسنة و قاوس
  • دائرة زيامة منصورية: تشمل بلديتي زيامة منصورية و إيراقن سويسي